![]() |
اليوم التاسع والعشرون من رمضان ـ مجالس ختم الحديث النبوي في رمضان: من حوادث اليوم التاسع والعشرين من رمضان مجالس ختم الحديث النبوي الشريف. وعادة تبدأ هذه المجالس في هذا الشهر الكريم مع أوله، موازيةً لمجالس القرآن الكريم، وفي اليوم التاسع والعشرين يكون المقروء من الحديث النبوي قد شارف على نهايته ، فيحتفل المسلمون – وتلك عادة دارجة – بذلك. وعلى سبيل المثال فقد أورد أحمد بن خالد الناصري في كتابه (الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى 3/133) أن السلطان المولى حسن دخل رباط الفتح صبيحة يوم الخميس التاسع والعشرين من رمضان من سنة (1290) وكان العيد يوم السبت ، فأقام السلطان سنة العيد برباط الفتح، وختم به صحيح البخاري على العادة. وكان فقيه المجلس ومدرسه يومئذ الفقيه العلامة السيد المهدي بن الطالب بن السودة الفاسي. وحضر ذلك المجلس وفود المغرب وقضاة العدوتين وعلماؤها ، ومدح السلطان بقصائد بليغة. واحتفل لهذا الختم بأنواع الأطعمة والأشربة والطيب وفرق الأموال على من حضر. وتتكرر هذه الصورة الجميلة لاهتمام المسلمين بالحديث النبوي ـ ممثلاً في اهتمامهم بأصح كتبه صحيح الإمام البخاري ـ في شرق بلاد المسلمين كما هي في غربها. جاء في كتاب ( النور السافر ) للشيخ عبد القادر العيدورسي اليمني (1/273) في ترجمة الإمام العلم عبد الرحمن بن عبد الكريم بن زياد الغيثي المقصري المعروف بان زياد وشيخ علماء الشافعية بالمين المتوفى 975هـ قال : ـ وفي شهر رجب وشعبان ورمضان يقرأ عليه صحيح البخاري بالجامع المظفري بزبيد بحضرة الجمع الغفير من العلماء والطلبة وغيرهم بأيديهم النسخ العديدة نحو الأربعين نسخة، وبين يديه هو فتح الباري (أشهر شروح صحيح البخاري). ويكون ختم هذا الدرس صبح اليوم التاسع والعشرين من رمضان، ويحضر الختم جمع عظيم من الخاص والعام وأمير البلد وقضاة الشرع وأجناس مختلفة من بوادي زبيد، ويكون جمعاً حفيلاً مشهود الخير والبركة، وينشد فيه القصائد المبتكرة، وتظهر بركة المجلس على من حضر. وكان يبتدئ مجلس الدرس بالفاتحة وآية الكرسي ويس وتبارك والإخلاص والمعوذتين والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء. ومثل ذلك الاهتمام بمجالس ختم الحديث في رمضان ما نقله البصروي في تاريخه (1/215) أنه في تاسع عشرين من رمضان سنة 902هـ عمل القاضي نجم الدين الخيضري ميعاداً بالجامع الأموي تحت قبة النسر بدمشق، سماه ختم البخاري والسيرة ، وأنشد الخير أبو الصغير وأجاد وكان مجلساً حافلاً. ـ انتهاء تمرد عسكري في دمشق ضد السلطان ابن قلاوون: ومن حوادث اليوم التاسع والعشرين من رمضان سنة 762هـ انتهاء تمرد عسكري في دمشق ضد السلطان ابن قلاوون من قبل نائبه في دمشق سيف الدين بيدمر فقد أورد هذه الحادثة ابن كثير في البداية والنهاية مفصلة (14/281) وبين أن أمراء العساكر في دمشق نقموا على ابن قلاوون تسلط وزيره يلبغا الناصري، وأنهم لا يوافقون على تصرفه في المملكة ، وأرسلوا بذلك مكتوباً ثم إن سيف الدين بيدمر شرع في نصب مجانيق أعلى بروج القلعة حتى شاهد الناس ستة مجانيق على ظهور الأبرجة وأخرج منها القلعية ( سكانها الأصليين ) وأسكنها خلقاً من الأكراد والتركمان وغيرهم من الرجال الأنجاد، ونقل إليها من الغلات والأطعمة والأمتعة وآلات الحرب شيئاً كثيراً، واستعد للحصار إن حوصر فيها بما يحتاج اليه. وبعد أيام من القلق والاضطراب وصل السلطان المنصور قادماً من مصر لقمع التمرد ـ إلى ضواحي دمشق عند المصطبة غربي عقبة سجورا في السادس والعشرين من رمضان في جحافل عظيمة كالجبال، فأيقن بيدمر ومن معه من أمراء الجيش بالحصار والملاقاة، فدخلوا القلعة وتحصنوا بها. ولكن في اليوم الثامن والعشرين من رمضان أرسل القضاة، ومنهم الشيخ شرف الدين ابن قاضي الجبل الحنبلي والشيخ سراج الدين الهندي الحنفي قاضي العسكر المصري إلى بيدمر ومن معه، ليتكلموا معهم في الصلح لينزلوا على ما يشترطون، قبل أن يشرعوا في الحصار والمجانيق، فلما اجتمع به القضاة طلب بيدمر أن يكون بأهله ببيت المقدس ، وطلب أن يعطى منجك – أحد أعوانه - كذا بناحية بلاد سيس من أراضي تركيا حالياً وغير ذلك، فرجع القضاة إلى السلطان ومعهم أحد الأمراء فأخبروا السلطان والأمراء بذلك فأجيبوا إليه، وخلع السلطان على الأمير ابن جبريل الذي نزل إليه مع القضاة. فلما أصبح يوم الإثنين التاسع والعشرين من رمضان خرج الأمراء الثلاثة من القلعة، فدخل القضاة وسلموا القلعة بما فيها من الحواصل إلى مندوب السلطان، ودخل السلطان محمد بن قلاوون دمشق وانتهى التمرد سلماً. ـ شهادة كاذبة في هلال شوال: ومن حوادث اليوم التاسع والعشرين من رمضان سنة 1292هـ نادرة غريبة – وربما وقع مثلها في الأزمنة المتباعدة – وهي شهادة كاذبة لبعض المغرضين المستهترين. قال الناصري في ( الاستقصا 3/147 ) : ـ إن جماعة من شهود اللفيف (اثني عشر) جاءوا إلى القاضي ابن عبد الله بن إبراهيم رحمه الله ليلة التاسع والعشرين من رمضان وشهدوا عنده أنهم رأوا هلال شوال بعد الغروب رؤية محققة: لم يلحقهم فيها شك ولا ريبة!.. فسمع القاضي شهادتهم وسجلها، وكتب للسلطان بذلك وهو بقرميم، فارتحل السلطان في جوف الليل، ودخل داره وأصبح من الغد معيداً، وعيد أهل العدوتين بفاس وأعمالها، والجم الغفير من أهل المغرب الذين حضروا مع السلطان. ولما كان ظهر ذلك اليوم وهو التاسع والعشرون من رمضان حقق الفلكيون من أهل الدولة أن العيد لا يمكن أن يكون في ذلك اليوم، وتكلموا بذلك وفاهوا به، فكثر الكلام بذلك، وكان جل الناس على شك أيضاً. ولما حان وقت الغروب ارتقب الناس الهلال، والسماء مصحية ليس فيها قزعة، فلم يروا للهلال أثرا ، فأمر السلطان بالنداء وأن الناس يصبحون صياماً لأن رمضان لا زال فصام الناس من الغد. وبعد ذلك ظهر الهلال ظهرواً معتاداً، وتبين كذب الشهود، فسجنوا ثم سرحوا بعد حين. ـ منع الإمام ابن تيمية من الفتيا بمسألة الطلاق الثلاث: ومن حوادث اليوم التاسع والعشرين من رمضان سنة (719هـ) صدور قرار سلطان منع بموجبه أحد العلماء الأفاضل من الإفتاء بفتواه مخالفة للجمهور من علماء الفقه. قال ابن كثير في البداية والنهاية (14/93) ولما كان يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من رمضان اجتمع القضاة وأعيان الفقهاء عند نائب السلطته بدار السعادة (بدمشق) وقرئ عليهم كتاب من السلطان يتضمن منع الشيخ تقي الدين بن تيمية من الفتيا بمسألة الطلاق، وانفصل المجلس على تأكيد المنع من ذلك. وهذه المسألة معروفة عند أهل العلم ، فالمذاهب الفقهية الأربعة كلها تقول بأن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع ثلاثاً كما أنشأه صاحبه، ويقول ابن تيمية : إنه يقع طلاقاً واحداً. وقد أدى الخلاف أول الأمر إلى تدخل السلطان بحسم الأمر والأخذ بقول الجمهور من العلماء!.. لكن ابن كثير ينقل بعد ذلك ما يلي (14/97) فيقول : ـ وفي يوم الخيمس ثاني عشرين رجب من عام 720هـ عقد مجلس بدار السعادة للشيخ تقي الدين بن تيمية بحضرة نائب السلطة وحضر فيه القضاة والمفتون من المذاهب وحضر الشيخ وعاتبوه على العود إلى الإفتاء بمسألة الطلاق، ثم حبس في القلعة فبقي فيها خمسة أشهر وثمانية عشر يوماً. ثم ورد مرسوم من السلطان بإخراجه يوم الإثنين يوم عاشوراء من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة للهجرة. ـ وفاة الإمان الهيثمي صاحب مجمع الزوائد: ومن حوادث اليوم التاسع والعشرين من رمضان سنة 707هـ وفاة الإمام أبي الحسن الهيثمي قال ابن حمزة الحسيني في ذيل تذكرة الحفاظ (1/242) هو علي بن أبي بكر بن سليمان بن صالح المصري الشافعي الإمام الأوحد الزاهد الحافظ صحب الحافظ العراقي وسمع معه غالب مسموعاته. جمع زوائد المسند للإمام أحمد وزوائد البزار وزوائد أبي يعلى وزوائد المعجم الكبير في مؤلف واحد ، وله موارد الظمآن لزوائد ابن حيان وغير ذلك. كان رحمه الله ورعاً زاهداً متواضياً خيراً سالكاً سليم الفطرة، شديد الإنكار للمنكر محباً للغرباء وأهل الدين والعلم. وكان رحمه الله من محاسن القاهرة كثير التلاوة بالليل والتهجد سريع الاستحضار للمتون ارتحل إلى دمشق صحبة شيخه العراقي، وسمع ببيت المقدس والإسكندرية. توفي الهيثمي رحمه الله ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر رمضان. ـ الإمام محمد البليدي المالكي فقية معروف: ومن حوادث اليوم التاسع والعشرين سنة 1176هـ وفاة الإمام الفقيه المحدث الشريف السيد محمد بن محمد البليدي المالكي الأشعري الأندلسي. قال الجبرتي في (عجائب الآثار 1/324) حضر البليدي دروس الشيخ شمس الدين محمد بن قاسم البقري المقري الشافعي ثم على أشياخ الوقت كالعزيزي والملوي والنفراوي، وتمهر ولازم الفقه والحديث بالمشهد الحسيني، فراج أمره واشتهر ذكره وعظمت حلقته، وحسن اعتقاد الناس فيه وانكبوا على تقبيل يده وزيارته، وخصوصاً تجار المغاربة لعلة الجنسية (أي بسبب اتحاد الجنسية بينه وبينهم) فهادوه وواسوه، واشتروا له بيتاً بالمحلة المعروفة بدرب الشيشيني، وقسطوا ثمنه على أنفسهم، ودفعوه من مالهم. ولم يزل البليدي مقبلاً على شأنه ملازماً على طريقته مواظباً على إملاء الحديث كصحيح البخاري ومسلم والموطأ والشفاء والشمائل حتى توفي ليلة التاسع والعشرين من رمضان سنة ست وسبعين ومائة ألف. ـ أبو زرعه بن الحافظ العراقي محدث بشوش: ومن أعلام الإسلام الذين توفوا يوم التاسع والعشرين من رمضان سنة 826هـ الحافظ ولي الدين أبو زرعة ابن الحافظ الشهير عبد الرحيم العراقي. قال ابن العماد الدمشقي (شذرات الذهب 4/173) طاف أبو زرعة على الشيوخ وكتب الطباق، واشتغل في الفقه والعربية والمعاني والحديث. أقبل أبو زرعة على التصنيف فأبدع كتابه (النكت) على المختصرات الثلاثة، الذي تلقاه أهل العلم وطلبته بالقبول ونسخوه وقرأوه عليه. ولما مات أبوه الحافظ العراقي ناب عنه وتقرر في وظائفه، فدرس بالجامع الطولوني وغيره ثم ولي القضاء الأكبر وصرف عنه. وكان من خير أهل عصره بشاشة وصلابة في الحكم وقياماً في الحق، وطلاقة وجه وحسن خلق وطيب عشرة. توفي أبو زرعة يوم الخميس التاسع والعشرين من شهر رمضان عن ثلاث وستين سنة ودفن عند والده. ـ كسوف للشمس شديد ! ويورد ابن الأثير في الكامل (1/78) أنه في رمضان عام 571هـ انكسفت الشمس جميعها، وأظلمت الأرض، حتى بقي الوقت كأنه ليل مظلم، وظهرت الكواكب، وكان ذلك ضحوة النهار يوم الجمعة التاسع والعشرين من رمضان. ابن الأثير : وكنت حينئذ صبياً بظاهر جزيرة ابن عمر مع شيخ لنا من العلماء، أقرأ عليه الحساب، فلما رأيت ذلك خفت خوفاً شديداً، وتمسكت به فقوّى الشيخ قلبي وكان عالماً بالنجوم أيضاً وقال لي: ـ الآن ترى هذا جمعيه انصرف! فانصرف سريعاً. ـ القبض على راشٍ وتعزيره!! ومن حوادث اليوم التاسع والعشرين من رمضان ما قاله علي بن يوسف البصروي في تاريخه (1/215) قال : ـ وفي التاسع والعشرين من رمضان سنة (902) ذهب أحمد بن أخي القاضي شعيب إلى قاضي القضاة المالكي محمد بن يوسف وراوده على أن يفوض إليه الحكم، ويدفع له خمسين أشرفياً (ديناراً) وأكد له في ذلك. فقال له القاضي المالكي: ـ أحضر الخمسين أشرفياً فذهب وأحضرها، ووضعها تحت مقعده ، فأحضر القاضي المالكي الشهود الذين ببابه والرسل. فلما وقفوا قال لهم : ـ إن هذا اجعل لي هذه الخمسين لأفوض إليه القضاء.فقال الراشي أحمد ببلاهة: نعم. فقال : اذهبوا به إلى الكافل لنستأذنه (والكافل يشبه نائب السلطة أو المتولي ، وكان في حينه يسمى جان بلاط) فتوقف أحمد عن الذهاب بعد أن أدرك مراد القاضي المالكي، فسحبه الرسل وذهبوا به إلى دار النيابة، وأوقفوه عند الدوادار دولات باي. وشاوروا عليه فخرج الأمر بضربه. فلما هموا بضربه دفع خمسين أشرفياً لخزانة النائب. ثم ردوه إلى القاضي المالكي ليفعل به ما يستحقه، فضربه وأمر بالمناداة عليه. فأركبوه بغلاً مقلوباً مكشوف الرأس، وداروا به من عمارة الأخنائي ودخلوا به من باب الفرج إلى السجن. |
اليوم الثلاثون من رمضان ـ ليلة المغفرة في رمضان: قال السيوطي في الخصائص الكبرى (2/359) أخرج الاصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ـ ( أعطيت أمتي في رمضان خمس خصال لم يعطهن أمة كانت قبلهم: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، وتصفد مردة الشياطين فلا يصلون فيه إلى ما كانوا يصلون إليه، ويزين الله جنته في كل يوم فيقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤنه ويعيروا إليك، ويغفر لهم في آخر ليلة من رمضان. فقالوا : يا رسول الله هي ليلة القدر قال: لا، ولكن العامل انما يوفى أجره عند انقضاء عمله). ـ اختفاء الهلال يومين آخر الشهر: ومن حوادث اليوم الثلاثين من رمضان سنة 532هـ في تاريخ الخلفاء (1/438) قال : ـ وفي هذه السنة { سنة 532هـ } رقب الهلال ليلة الثلاثين من رمضان فلم ير فأصبح أهل بغداد صائمين لتمام العدة. فلما أمسوا رقبوا الهلال فما رأوه أيضاً وكانت السماء جلية صاحية... ومثل هذا لم يسمع بمثله في التواريخ. ـ هزيمة شنيعة تلحق الدمشتق ملك الأرمن: ومن حوادث اليوم الثلاثين من رمضان سنة (362هـ) هزيمة منكرة شنيعة وقعت على الدمستق ملك الأرمن. وكان الدمستق كما يقول ابن كثير (11/243) من أغلظ الملوك قلباً، وأشدهم كفرا، وأقواهم بأسا، وأكثرهم قتلاً وقتالاً للمسلمين في زمانه، دخل حلب سنة 351 في مائتي الف مقاتل فقتل من أهلها ما لا يعلمه إلا الله ، وهرب من وجهه سيف الدولة الحمداني، فخرب داره وأخذ أموالها وحواصلها. ويقول ابن كثير (11/273) ثم دخلت سنة ثنتين وستين وثلاثمائة وفيها سارت الروم مع ملكهم لحصار آمد، وعليها هزرمرد غلام أبي الهيجاء بن حمدان، فكتب إلى أبي تغلب يستنفره، فبعث إليه أخاه أبا القاسم هبة الله ناصر الدولة بن حمدان، فاجتمع غلام أبي الهيجاء مع ناصر الدولة لقتال ملك الروم وهو (الدمستق) نفسه فلقياه في آخر يوم من رمضان في مكان ضيق لا مجال للخيل فيه، فاقتتلوا مع الروم قتالاً شديداً، فعزمت الروم على الفرار فلم يقدروا، واستمر فيهم القتل وأخذ الدمستق أسيراً فأودع السجن فلم يزل فيه حتى مرض ومات في السنة القابلة. وقد جمع أبو تغلب الأطباء فلم ينفعه بشيء. ولما مات الدمستق أرسلت بموته كتب. قال ابن كثير (11/153) وجاءت الكتب بموت الدمستق ملك النصارى، فقرئت الكتب على المنابر. ـ هزيمة منكرة للقرامطة المفسدين: وكما هزم الدمستق يوم الثلاثين من رمضان سنة (362) فقد هزم القرامطة يوم الثلاثين من رمضان سنة (290). يقول كمال الدين بن ابي جرادة في كتابه( بغية الطلب في تاريخ حلب) : إن القرامطة - بعد مقتل زعيمهم علي بن عبد الله القرمطي - بايعوا أخاه أحمد بن عبد الله بن محمد، وسموه المهدي، فانتقل من نواحي دمشق إلى مناطق السخنة والأركة والزيتونة وخناصر من أعمال حلب، ودخل هذه المواضع عنوة ونهب ما فيها من الأموال والسلاح، وأفسد وعاث في البلاد، وجهز جيشاً كثيفاً بخيله ورجاله وجعل عليه داعية (عميطر المطوق) إلى ناحية حلب، فأوقعوا بأبي الأغر خليفة ابن المبارك بوادي بطنان وقتلوا خلفتاً عظيماً وانتهبوا عسكره. وأفلت أبو الأغر في ألف رجل لا غير، فدخل إلى حلب، ووصل القرامطة خلفه إلى حلب، فأقاموا عليها على سبيل المحاصرة ولكن أهل حلب في يوم الجمعة سلخ شهر رمضان من سنة تسعين ومائتين طلبوا الخروج لقتالهم، فمنعوا من ذلك، فكسروا قفل باب المدينة وخرجوا إلى القرامطة، فتحاربوا ونصر الله الرعية من أهل حلب عليهم، وقتل من القرامطة جماعة كبيرة. وخرج أهل حلب يوم السبت يوم عيد الفطر مع أبي الأغر إلى مصلى العيد خارج حلب، وعيّد المسلمون، وخطب الخطيب على العادة ودخل الرعية إلى مدينة حلب في أمن وسلامة. وأشرف أبو الأغر على عسكر القرامطة، فلم يخرج إليه أحد منهم. ولما يئس القرامطة من فرصة ينتهزونها من حلب ساروا ومضوا خائبين. ـ وفاة الخليفة الناصر لدين الله واستخلاف ولده الظاهر: ومن حوادث اليوم الثلاثين من رمضان سنة (622هـ) وفاة الخليفة الناصر لدين الله وخلافة ابنه الظاهر. قال ابن كثير في البداية (13/106) ولد الناصر لدين الله ببغداد سنة (553هـ) وبويع له بالخلافة بعد موت أبيه المستضيء بأمر الله. سنة (575هـ). عاش الناصر لدين الله تسعاً وستين سنة، وكانت مدة خلافته سبعاً وأربعين سنة، ولم يقم أحد من الخلفاء العباسيين قبله في الخلافة هذه المدة الطويلة، وانتظم في نسبة أربعة عشر خليفة وولي عهد. وزر له عدة وزراء، وطال مرضه قبل الموت، ومع ذلك لم يبطل ما كان أحدثه من الرسوم. وكانت له أحوال متناقضة أحياناً، فمن ذلك أنه عمل دوراً للإفطار في رمضان، ودوراً لضيافة الحجاج ثم أبطل ذلك ، وكان قد أسقط مكوساً ثم أعادها، وجعل جل همه في رمي البندق والطيور المناسيب وسراويلات الفتوة. وكان يقول للرسل الوافدين عليه: فعلتم في مكان كذا كذا، وفعلتم في الموضع الفلاني كذا. حتى يظن بعض الناس - أو أكثرهم - أنه كان يكاشف، أو أن جنياً يأتيه بذلك. توفي الناصر لدين الله يوم الأحد آخر يوم من شهر رمضان المعظم سنة 622هـ. ـ اعتقال الخليفة الطائع لله وقتله: ومن حوادث اليوم الثلاثين من شهر رمضان سنة (393هـ) وفاة خليفة مخلوع قبل مدة. قال ابن العماد في (شذرات الذهب 2/143): دخل بهاء الدولة على الطائع لله أبي بكر عبد الكريم بن المطيع لله بن المتقدر جعفر بن المعتضد، وكان حقد عليه، فقبل الأرض ووقف، ثم أومأ بهاء الدولة ـ وهو الحاكم الفعلي للدولة بحكم قيادته للجيش ـ إلى جماعة من أصحابه كان واطأهم على خلعه، فجذبوا الطائع لله من سريره ولفوه في كساء، وأخرجوه من الباب المعروف بباب بدر، وحملوه إلى دار المملكة ملفوفاً على قفا فراش، ثم أشهد عليه بخلع نفسه، وسملت عيناه، وقطع قطعة من إحدى أذنيه. وكان بهاء الدولة قبض عليه يوم السبت تاسع عشر شعبان سنة 381هـ، وفي الثالث من رجب من نفس العام سلم الطائع لله المخلوع إلى الخليفة المنصوب القادر بالله، فأنزله حجرة من حجر خاصتة ووكل به من يحفظه من ثقات خدمه، وأحسن ضيافته ومراعاة أموره. وبقي معتقلاً إلى أن توفي يوم الثلاثاء سلخ شهر رمضان وصلى عليه الخليفة القادر وشيعه الأكابر. استمر الطائع لله المخلوع خليفة أربعاً وعشرين سنة، وكان مربوعاً أبيض أشقر مجدور الوجه كبير الأنف، شديد القوى، في خلقه حدة، واستمر مكرماً محترماً في دار عند القادر بالله إلى أن مات. ـ احتلال الفرنسيين مدينة يافا: ومن حوادث اليوم الثلاثين من رمضان سنة (1212) دخول الفرنسيين ـ الذين احتلوا مصر ثم اتجهوا صوب فلسطين ـ إلى مدينة يافا بعد مهاجمتها. قال الجبرتي في عجائب الآثار (2/261) في سادس عشرين شهر رمضان وصلت مقدمات الفرنساوية إلى بندر يافا من الأراضي الشامية، وأحاطوا بها وحاصروها من الجهة الشرقية والغربية، وأرسلوا إلى حاكمها أن يسلمهم القلعة فلم يرد لهم جوابا. وفي نفس اليوم جاءهم مدد من قواتهم وأكملوا استعداتهم. ثم في اليوم التالي السابع والعشرين حفروا خنادق حول السور متاريس وملاجئ، لأنهم وجدوا سور يافا ملآنا بالمدافع الكثيرة، ومشحوناً بعساكر الجزار (والي عكا). ثم في اليوم التاسع والعشرين من رمضان أمر ساري عسكر (نابليون بونابرت) بنصب المدافع على المتاريس والاستعداد لمهاجمة السور، كما أمر بنصب مدافع أخر بجانب البحر، لمنع الخارجية إليه من مراكب المينا. وقد حاول جنود الجزار في يافا الخروج لمهاجمة الفرنسيين ولكن الفرنسيين قتلوا منهم جملة كثيرة، وألجأوهم للدخول ثانية في قلعة يافا وفي يوم الخميس غاية شهر رمضان أرسل الفرنسيون رسالة إلى حاكم يافا فيها: ـ من حضرة ساري عسكر اسكندر برتبة كتخدا (قائد) العسكر الفرنساوي إلى حضرة حاكم يافا: نخبركم أن حضرة ساري عسكر الكبير بونابارته أمرنا أن نعرفك في هذا الكتاب أن سبب سبب حضوره إلى هذا الطرف إخراج عسكر الجزار فقط من هذه البلدة، لأنه تعدى بإرسال عسكره إلى العريش ومرابطته فيها. والحال أنها من إقليم مصر التي أنعم الله بها علينا... ونعرفكم يا أهل يافا أن بندركم حاصرناه من جميع أطرافه وجهاته، وربطناه بأنواع الحرب وآلات المدافع لكثيرة والجلل والقنابر، وفي مقدار ساعتين ينقلب سوركم وتبطل آلاتكم وحروبكم، ونخبركم أن حضرة ساري عسكر المشار إليه لمزيد رحمته وشفقته - خصوصاً بالضعفاء من الرعية - خاف عليكم من سطوة عسكره المحاربين إذا دخلوا عليكم بالقهر أهلكوكم أجمعين، فلزمنا أن نرسل لكم هذا الخطاب أماناً كافياً لأهل البلد والأغراب، ولأجل ذلك أخّر ضرب المدافع والقنابر الصاعدة عنكم ساعة فلكية واحدة واني لكم من الناصحين. وقد راع ذلك أهل يافا، وعزّ عليهم تسليم بلدهم للفرنسيين، فرفضوا هذا الأنذار مما دفع المعتدين إلى بدء الهجوم. يقول الجبرتي: وفي وقت الظهر من اليوم الثلاثين من رمضان انخرق سور يافا ونقب من الجهة التي ضربت فيها المدافع من شدة النار، وهجم الفرنسيون، وفي أقل من ساعة ملكوا جمع البندر والأبراج، ودار السيف في المحاربين، واشتد بحر الحرب وهاج، وحصل النهب في تلك الليلة. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ـ ولادة الإمام الفقيه ابن حزم الظاهري: ومن حوادث اليوم الثلاثين من شهر رمضان سنة (384هـ) ولادة الإمام الفقيه ابن حزم الظاهري. ولد رحمه الله بقرطبة بالجانب الشرقي في ربض منية المغيرة قبل طلوع الشمس، بعد سلام الإمام من صلاة الصبح، آخر ليلة الأربعاء آخر يوم من شهر رمضان سنة 384. كما وجد ذلك بخطه. قال ابن المقري في نفح الطيب (2/553) نقلاً عن ابن صاعدا : كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام، وأوسعهم معرفة، مع توسعته في علم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار. وقال عنه الذهبي: كان إليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن وسعة العلم بالكتاب والسنة والمذاهب والملل والنحل والعربية والآداب والمنطق والشعر، مع الصدق والديانة والحشمة والسؤدد والرياسة والثروة وكثرة الكتب. من أشهر كتبه: المحلى، والفِصَل بين أهل الأهواء والنحل، وشرح حديث الموطأ والكلام على مسائله، ومنتقى الإجماع، والإمامة والخلافة، وطوق الحمامة، وكشف الالتباس ما بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس. عاش ابن حزم إحدى وسبعين سنة، وقد كان شافعي المذهب ثم صار ظاهرياً ووضع كتبه في هذا المذهب حتى مات. وقد شنع عليه الفقهاء وطعنوا فيه، وأقصاه الملوك وأبعدوه، حتى توفى بالبادية سنة 456هـ. ـ الفقيه مسعود الطريثيثي شيخ السلطان صلاح الدين: ومن حوادث اليوم الثلاثين من رمضان سنة (578هـ) وفاة الفقيه الشافعي مسعود الطريثيثي. اسمه مسعود بن محمد بن مسعود بن طاهر النيسابوري، قدم دمشق سنة 450هـ ووعظ بها وحصل له قبول فيها، ودرس في المدرسة المجاهدية ثم بالزاوية الغربية من جامع دمشق. قال ابن خلكان (وفيات الأعيان 5/197) ثم خرج إلى حلب فدرس في مدارسها، ثم رحل إلى همذان ثم عاد إلى دمشق، وانفرد برياسة أصحاب الشافعي، وكان عالماً صالحاً صنف كتاب الهادي في الفقه وهو مختصر نافع، وجمع للسلطان صلاح الدين عقيدة (أي رسالة في العقيدة الإسلامية) تجمع جميع ما يحتاج إليه في أمور دينه، وحفّظها أولاده الصغار. قال ابن شداد: ورأيت السلطان وهو يأخذها على أولاده، وهم يقرؤنها بين يديه من حفظهم. وكان الطريثيثي متواضعاً قليل التصنع مطرحاً للتكلف. توفي الطريثيثي آخر يوم من شهر رمضان سنة 578هـ بدمشق، وصلي عليه يوم العيد وكان نهار جمعة، ودفن بالمقبرة التي أنشأها بجوار مقبرة الصوفية غربي دمشق. رحمه الله. |
جزاك الله خير أخي ماهر وجعلها الله في ميزان حسناتك جهد تشكر عليه ..لا حرمنا الله من طيب تواجدك |
Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.